Saturday, March 1, 2014

مما كتبت

يحدث أن تستيقظ من نومك لتتخلص من خاطر يراودك و ترمى به بعيداً على الورق, يحدث أن تتكرر هذه المأساة بطول اليوم ..
تبقى الكتابة على قربها لقلبى مرهقة و موجعة فى كثير من الأحوال .. إلا أن "التوثيق" مهمة لا يجب التقصير فيها -كفانا تقصير- ,ربما يكون لهذه الحروف المبعثرة يوماً قيمة لا نعلمها , الله يعلمها .. ربما تفيد آخرين .. ربما يكون مجرد مشاهدة الأفكار و الخواطر على الأوراق باباً لتغيير ما ..
بين التدوينات , النوتات , ال Sticky notes , ال Memos, facebook ,twitter و غيرها تحاصرنى الكلمات ,لبعضها خصوصية و لأخرى حق المشاهدة و الاطلاع .. على قدر ما يحتاج المرء منا إلى مساحة ما تخصه وحده على قدر ما يمنحه شعور البوح و السماح للمقيد بالانطلاق براحاً ما , يمنحه ثقة و يثبت له جديته فى محاولات الاتساق و الصدق مع الذات ..لا أفهم محاولاتنا المستمرة لإيجاد نوافذ جديدة,هل يعكس ذلك تنوعاً ما فى أرواحنا لا يكفيه باباً واحداً للانطلاق من باب "ذو الوجهين منافق و ذو الوجه الواحد ميت " كما قال العقاد ,أم أنه كالعادة يعكس حياة افتراضية لا تمت للواقع بصلة و يعزز من انتفاخ الذات و يغرق المرء فى هروب وهمى و صراعات -و إن كانت حقيقية- لا يسعى لحلها!
فى كل الأحوال لا أشعر بفارق كبير بين الخاص و شبه العام , ليس من فرط الاتساق لا سامح الله, و لكن لأنى اعتدت الوقوف على هذه المسافة من الأحداث جميعها ,خطوة للوراء تمكنى من مشاهدة الصورة أوضح بشكل ما ,تعرفنى مكانى ,تجنبنى الاستغراق و تهزم الضبابية و لو لثوانٍ و بالتأكيد تغير النسب ,يعتبرون الحكيم من لا يفرح و لا يحزن ,و يعتبر الدين من علامات الإيمان أن يكون أمر المؤمن كله خير ,و أقر آخرون أن الشعور إذا ما كان "هوناً ما" كان ذلك باباً للفضل كبير .. لا نفكر بالطبع فى كل ذلك حينما ينادينا ال "Zoom out" و لا نفكر فى عكسه طبعاً إذا ما قررنا أن نقذف بكل هذه الآراء بعيداً لنشعر ..نشعر و السلام ..تبقى المسافة بين الفكر و الشعور من جانب و الواقع من جانب آخر جد بعيدة ..

يا أصدقائي: جرّبوا أن تقرؤوا كتابْ.. أن تكتبوا كتابْ ...
 أن تزرعوا الحروفَ، والرُّمانَ، والأعنابْ ...
أن تبحروا إلى بلادِ الثلجِ والضبابْ ...
فالناسُ يجهلونكم في خارجِ السردابْ ...
الناسُ يحسبونكم نوعاً من الذئابْ ...

ممَ كتبت ..
-1-
"أصبحنا و أصبح الملك لله"
وحده الله هو المستحق للذكر إذا ما ملأنا الحب و عصف بنا الحنين...بكل محبة تولّد رحمة أذكر كيان "رحيم" ترك لنا من كل رحمته جزءا ضئيلا نتشارك فيه، و يمنحنا السعادة أو الشقاء. .
كنت أقول أن كل إنسان يحتاج علاقة واحدة على الأقل صامتة ..حيث لا حاجة للحديث إذا ما نفذ الآخر إلى أعماق الروح، ما بالك بحاجتنا إلى من منه الروح بالأساس!
تعرف الأشياء بالضد، و تكتمل معرفتنا بها بكل "شبيه" ، يوضح لك كل فرع صورة ما عن الأصل... و إلى الله عاقبة الأمور و بداياتها !
ليس بعد التمتمة بحسبى الله و نعم الوكيل قلق، أخلد إلى النوم يوميا مكررة دعوة ارتعدت لها فرائصى من قبل :"اللهم إني أستودعتك كلى فاقض ما أنت قاض و أرضنى بقضاءك .." أترك الفضول ليطرح تساؤلاته عن أحلام الليلة و خواطر الصباح و أعرف أن النهايات ستحمل كل خير و رضا لى. ..
أنت أنت ..ﻷنك مستحق لأن تكون المتفرد بالحب و العبادة و الرجاء ...أنت أنت و كل شيء ما خلاك باطل ..أنت أنت ﻷنك ثابت وحيد فى عالم يعج بالنسبيات. .أنت أنت ﻷنك الخط الفاصل الواضح الوحيد بين كل الأضداد ..بك لا يصبح الرجاء تمنى ، و لا يكون القدر عبث، و يستمد الوجود معناه، بك نهتدى إلى الحق و عليك قصد السبيل و بك يتضح ..
حينها فقط سأستريح. .حين أكون قد خلصت من كل شيء و حين أوجه وجهى بحق نحو كل قبلة ترتضيها و حين يتطهر القلب ليستقبل نورك. .
قال أحد السالكين :"إن لم تكن الطاعة منى فعلا جزما فقد دامت محبة و عزما.." و أقول أنها دامت محبة حتى و إن خار العزم ..
محبة إليك خالصة يا الله و لا أبالى إن كانت المحبة قاتلة ..فبعض القتل حياة و شهادة. .
الطريق إليك آمن..
-2-
ما الذى يجعل الأماكن تكتسب مكانتها عندنا غير الذكريات؟ الذكريات التى تظن أنها هينة، لا أهمية لها ... تشعر فقط بها حين تهم بالرحيل .. كل التفاصيل التي لم تلقى لها بالا تكتسى برونق ساحر فجأة .. جوهره الحنين و الألم .. ربما لم تكن يوما ذكريات مفرحة فما الذى يجعل غيابها مؤلما؟
ربما التساؤل عما يحمله "الجديد" لك هو الذى يجعلك تلتفت للنظر لقديمك؟ ربما يكون خوف مقنع يظهر بهذه الصورة ليخبىء حدة سؤال جديد يلوح فى الأفق ..

غدا .. ننتقل إلى "مكان" جديد .. بلا شىء من قديمنا ! لا الأشخاص و لا الأشياء .. غاب و رحل الكثيرون .. و تبقى بقايا من الباقين ..
لا يغير عجزنا عن الإدراك من الوضع شيئا ..
"و قل عسى أن يهدين ربى ﻷقرب من هذا رشدا"


-3-
التمحيص ...
الابتلاءات التى تعيد تشكيل الصفوف، تستبعد البعض و ترتقى بالآخرين ...
من جديد أتساءل هل مقام الإنسان فى مقامه الفعلى أم فيم يرغب فيه ؟
و إذا لم يشبه السعى الرغبة فلم بعد يتذكر و يتمنى ما لا يدفع لأجله ؟
أن ترفض كل الخيارات زعما منك بأنك "لديك أسبابك" ، التايهة التى لم يأت بها غيرك ! ما أحطت به و لم يبلغه سواك!
و ماذا عند البدائل؟ أضف إلى ضبابية كل الأوضاع الاستنزاف الذى عصف بك ..وجب الوقوف على أسبابه ..
ترجيح للمصالح الشخصية و تنفيذ لكل ما ترفضه "تنظيريا"..
إذا كان المقام بالواقع .. فقد أخفقت ..
و إذا كان بالرجاء فمساحة ما بين الأمنيات و الواقع لابد أن تشكل بطريقة لا أعلمها كالعادة ..


-4-
الخوف و الحياة متلازمان لا ينفصلان ..
ربما تتلاشى أشياء كانت مصدر خوف لنا فى وقت ما ، لا يعنى هذا أنها لن تعود أو أن أشياءا أخرى لن تحل محلها ..
يبقى دافع كسر الخوف و التغلب عليه واحدا أبدا ...من جديد، تلك القوة المتجددة للتميمة السحرية " لا إله إلا الله" و "الله أكبر" ..تمتلك بها الدنيا فى يدك و لا تكون فى قلبك -عين الزهد و التوحيد-
ربما تتعدد الأسباب و السعى نحو الغاية ذاتها واحد ..
وراء كل خوف يكسر خطوة إلى تمام الحرية و العبودية لله وحده ..
الآن -كما لم أكن من قبل- أخشى التكرار، الوقوع فى الأخطاء ذاتها دون التعلم ، أخشى الاستغراق بشدة و لا أتمنى أن أترك له مكانا فى حياتى ربما لهذا تحديدا أحافظ على تلك المسافة بينى و بين الأحداث..
اللهم اكفنا شر الجديد من المخاوف أما قديمها ..فاكفنا شر الارتداد على الأعقاب معها ...


-5-
ربما تولدت رغبة الدراويش المستمرة فى الترحال و السفر من فهمهم لروح الأشياء ...الأرض تصرح بتجارب الآخرين مع البارىء.. آلامهم ، دموعهم ، أهواءهم ، أمراضهم، ارتقاءهم على الطريق...منحنيات الأمل و اليأس..
لو أجوب الأرض لأرى الله بعيون عباده المخلصين الطائعين منهم و العصاة ...
للكل رب واحد ..
للسالك رب يحميه و يرشده. .