Sunday, August 17, 2014

آخر أيام الصيفية

كان الطريق طويلاً و ممتداً و كأنه بلا نهاية ..
كانت السيارة مرتبكة الخطى تسير مسرعة أحياناً و تستحث خطاها فى أحيان أخرى ..
كان البحر عكراً ,غضبان, مابيضحكش  ..
كنا نستمع إلى منير بينما ينشد "هون يا ليل " و يبشر بـ"الدنيا اللى جاية" ..
كان الليل طويلاً جداً جداً ,أطول حتى من الدرب ذاته ..
بدا غير لائق أن نخاطبه و نسأل منه التهوين ..
بدا غير منطقى أن نستودع الليل الأحبة ..
بدا كلاسيكياً جداً أن نطلب من "الغربة" أن "تحاسب" على الرفقاء ..
بدا نبيلاً للغاية ان نستبدل ضحكاتنا بدموعهم ..
هل يا ترى ينجح "نسيم الأطباء" أو "شال الهوى" فى حل تلك المعضلات ..

كانت الأغنية العاشرة لمنير, بينما علقت على جميع الأغانى التى سبقها ..
و قلت فى حق الكينج الكثير,أهمها أنه "ضلالى" =D
استمعت له هذه المرة, و طلبت منهم أن يعيدوا الغنوة من جديد ..

هناك, فى بلازا المكتبة ,غنت "دينا الوديدى .. "
عن الليل أيضاً ..
"الليل بيسبق رجفة البردان

والدنيا تشتي فوق جبينه ورود

وناس تلاقي بعضها بأحضان

وناس تودّع حضنها بشرود

....

ريحة اللي كان على طرف موّالي

ريحة اللي كان .. كان غالي

يا ليل يا عين يا شمس مالها شروق

يا عين يا ليل يا حتة من بالي

سهران عليك يا صبح متأخر

مستنّي شوفه أول الجايّات

حينما استمعنا إلى هذه االغنوة لأول مرة فى حفلة مارس 2013 ,نظرنا لبعضنا البعض فى صمت حين قالت "مستنى شوفة أول الجايات" ,اليوم الجمع ذاته يبدل بعضه بعضاً بالنظرات ذاتها ,معلقين بسخرية : "طب و الجايات بتيجى؟ " /"لأ ,بنستنى بس .. " /قال أخر :بطلنا نستنى .. و سكت آخر ناظراً إلى السماء داعياً إياى إلى أن أبحث معه عن "نجمة" :) ,هكذا كان يهرب حينما تدفع به الكلمات إلى مناطق لا يريدها لفرط علمه بها ,هكذا بحثنا عن النجمة ذاتها و هى تشدو : 
"و اللى كلامه جميل ,لكن بفعله قليل ..
يا يغنى فى المواويل ,يا يفوق و يسمع لها ..
و اللى حياته سراب ,و زمانه كان كداب ..
يا يعدى باب ورا بعض ,يا يموت تعيس وسطها .. "

و نظرنا لبعضنا البعض فى صمت حينما غنت عن دين الجدعنة ,دين رفاق الدرب ,الجثث المجهولة فى المشرحة و الأسر,عن الخذلان الذى لا تقبل له توبة ! عن تلك الدائرة التى بدأت و لا نعرف كيف لنا أن ننهيها ..و عن الدائرين فيها أملاً و حيرة بحثاً عن المجهول ..
"و أدين من ساب على الأسفلت أخواته مقتولة ..
و أقوله التوبة مقبولة إلا فى وقت الحرب ! "
نظرنا نظرات تحمل الكثير ,و بحثنا عن النجوم ,و بحثنا فى وجوه بعضنا البعض عن الحقيقة, عن طمأنينة لا سبيل لها ,عن دموع جعلت كل منا فى عين الآخر مهزوزاً أكثر!
و صمتنا ,عل الوجوه تتحادث ..

تطلع علينا تدعي وتبخّر

ده الغالي راح

واللي اشتراه أهو باع.."

خسارات /خسارات/خسارات ..
"لو كانوا سابوا الحاجات تصبح حاجات بصحيح" !
الكورال : لو ..! =D 

"جايز مكنش الألم يملى القلوب و العيون ..
جايز مكنش الوجع عشش نواحى الجنوب .." 
قلنا :جايز! 

ثم سابقت أحداهن الترتيب و قالت :السؤال الجاى ليكى ..
"حبيبتى أرضى سألتك و الكف صارت يا دوب! 
ازاى نلم الوجع و نخف حزن الجنوب .."
قلت بتناكة المحتاسين :مش هدف .. 

"لو كانوا سابوا العيال تخلى الثمار من الخوف ..
كنا اهتدينا يا ناس و فهمنا بالمعروف ..
و عرفنا من الأهوال إزاى نبطل هروب.
و ازاى نلم الوجع و نخف حزن الجنوب. "
قلنا : لو ..

ليلة أخرى ,الصدق فيها كان كافٍ لأن يهون علينا احتمالية عدم تكرارها ..
مررنا من هنا يوماً ..
تحت السماء الواسعة التى لا تشبه قلوبنا الضائقة ..
فى الزحام الذى لم يهون الغربة ..
بجوار البحر العكر و الطريق الممتد ..

سلام على الأرواح الطيبة ..
سلام على الأيام الحلوة الشغوفة الرائقة التى مرت و التى ستأتى بعد ..
سلام على الباقين و الراحلين و المعلقين ..
سلام علينا ,أينما كنا ..
فنحن بحاجة إلى السلام ..


و السلام .. 

No comments: