Saturday, July 31, 2010

واحد من الناس


لن أتكلم اليوم عن شخصية مشهورة ولا عن شخصية تعاملت معها بشكل شخصى,هو رجل من النوع الذى يراه البعض-عاديا-,رجل أتى و رحل فى هدوء دون أن يحدث ضجة فى هذا العالم و لكنه أحدث تلك الضجة فى عالم كل من منحتهم الأقدار شرف لقاؤه

هو فيلسوف يابانى لم يبلغ من الشهرة ولا من المجد ما بلغه غيره من الفلاسفة و لكن منهجه أسرنى حقا,هو ساخر حتى النهاية,قابل كل ما فى الحياة بابتسامته الهادئة,فإذا حبته بنعمة ابتسم و إذا تتابعت المصائب فى سلسلتها الشهيرة ابتسم أيضا متعجبا و مفكرا,كان مريضا و فقيرا و مبتسم!!!

كان يعيش فى بيت بلا قطعة أثاث واحدة و لم يفكر حتى فى سوء وضعه بل أخذ يرسم صور للأثاث الذى كان ليشتريه لو كان معه الثمن متمسكا بذلك بأحلامه البسيطة العميقة حتى لو حرم منها


لم يكن يملك الكثير من أى شىء,و لكنه كان محرك دائما لغيره لإمتلاك كل هذا الكثير,هو من هؤلاء الأشخاص اللذين يهوون العمل من وراء الستار,فحث تلاميذه على التعلم و الكد و العمل و الكفاح ليصلوا إلى كل ما لم يستطع هو الوصول إليه


اّمن بأن الشخص المتميز ناجح و الأنجح منه من يضع الاّخرين على طريق التميز غير مكترث بالكادر الذى لن يظهر أبدا به فكان تبعا لقانون الجذب مصدر موجات إيجابية لكل من حوله

كان مريضا فقابل المرض بسخريته المعهودة,كان معطاء و لكنه لم يكن يملك ما يعطيه,فاتبع مع تلاميذه نفس أسلوب كساء منزله بأثمن قطع الأثاث,رسم كل ما تمنى اهداؤه إلى تلاميذه و أعطاهم لوحاته معتذرا لهم بأنه لا يملك أى شىء اّخر يستطيع تقديمه


و ها هى حياته تشرف على الإنتهاء و رصيده الوحيد حب من حوله و ابتسامة جميلة بدأت تفتر للمرة الأولى فى حضرة كل تلاميذه-فمن المستحيل أن يخذل أحدا هذا الشخص-,اكتسح الجد ملامحه فجأة و توجه إليهم مقدما لكل منهم علبة و أوصاهم بأن يضع كل منهم علبته فوق جثمانه أثناء حرقه بعد وفاته


و توفى بالفعل و شرع الأبناء الأبرار فى تشييع معلمهم بالبكاء و النحيب,وداعهم له لم يكن وداعا لشخص مر على الدنيا مرور الكرام,بل ودعوا فيه رمز الحياة و قيمة التشبث بها و الاستمتاع بها مهما كانت قاسية,قيمة العطاء حتى و لو كان الرصيد صفر,قيمة الإيثار, و قيمة الخلود...فنجاحه و فلسفته و فكره باقون فى كل من أثر بهم هذا الرجل

و شرع التلاميذ فى تنفيذ الوصية و وضعوا العلب فوق الجثمان أثناء الحرق,فإذا بالعلب تحتوى على ألعاب مفرقعة و صواريخ ملونة تتطاير فى كل مكان و تحيط الجو بمرحه المعتاد -الذى سيظل خالدا كذلك-فلم يتمالك التلاميذ أنفسهم من الضحك متلقين بذلك اّخر دروس فيلسوفنا المبجل فى ايجاد الجانب المضىء للحياة أو حتى للموت
قد يراه البعض لم يقدم شيئا لنفسه و لكن ما قدمه لغيره عندى يشفع له



هو جيبشنا إيكو

ألا تراه حقا شخصا خارق للطبيعة؟

Monday, July 12, 2010

أيدنى....شكرا

هو خبر و تعليق
سمعنا فى الأيام السابقة وفاة(رامى شمالى)طالب ستار أكاديمى لموسمه السابع اثر حادث حيث كان يقود السيارة و بجواره (محمود شكرى)
و تسبب الحادث أيضا فى مقتل زوج و زوجة فى العقد السادس من حياتهم
جاء (رامى) إلى مصر لتلبية دعوة زميله و رغم أنه لبنانى شاءت الأقدار أن يكون المشهد الأخير على أرضنا و ليس أرضه معبرا عن تلاحم مصير هذه الأمة و أن أبى من يأبى
يبلغ رامى من العمر ثلاثة و عشرون عاما و بالتعبير المصرى الشائع -فى عز شبابه-
ما أدهشنى حقا ردود الأفعال المتباينة التى سمعتها من أناس مختلفين فى خلفيتهم الثقافية و الدينية و الأخلاقية
فبالطبع حزن محبى (رامى) و متابعى البرنامج حزنا شديدا
بينما أعتبر الاّخرين هذه النهاية تعبير عن (غضب الله) و تلمح فى نبرتهم شماتة -يرثى لها-معللين
ذلك باعتراضهم على فكرة البرنامج أو على الغناء فى حد ذاته أو على قيادة السيارة بسرعة كبيرة أو أنه عاش حياة دنيوية-ولا أعرف من أين لهم هذا-و بالمرة علل البعض الهجوم اللا مبرر بأنه مسيحى الديانة-و دى فى حد ذاتها كارثة-
و رغم أننا تحدثنا عن هذه الفكرة من قبل مرارا و تكرارا و أعتقدت أنى أستنفذت كل طاقتى الكتابية فى اقناع البشر بأن الله وحده هو من له الحق فى الحكم على عباده و فى تقييمهم و فى العفو عنهم أو فى عذابهم و اعتقدت أن أى موقف يتم فيه الحكم على البشر لن يستفزنى و لكن للأسف هذا الموقف فاق التوقعات
فحل الهجوم محل المأساة الانسانية التى نحن أمامها و غابت الأنظار و الضمائر عن مشاعر أم فقدت ابنها و عن مشاعر أخ يودع أخيه بغير رجعة و عن مشاعر صديق سيحيا ما تبقى له من عمره بعقدة ذنب كفيلة بأن تحرمه معنى السعادة و عن شخص جديد-أو ثلاثة أشخاص بالأحرى-يغادر عالمنا تاركا خلفه ألم فى نفوس الكثير
متى سنترك الحكم على المخلوقات للخالق وحده و متى سينشغل كل منا -بالبلاوى- اللى فيه و بمعاصيه و ذنوبه الخاصة
متى سيرحمنا الله من حملات التكفير التى يقودها من يعلم و من لا يعلم
متى سندرك أننا جميعنا بشر, فكلنا نطمح للسعادة و كلنا نتألم و كلنا نحب و كلنا نكره و كلنا نمقت الفراق كل على طريقته الخاصة و لكن نظل فى النهاية نمر بنفس الخبرات الانفعالية التى للأسف لا نقدرها الا إذا مررنا بها نحن أما مرور أى شخص اّخر بها تجربة لا تستحق الذكر ولا الاحترام
أحلم بجيل يحيا بالمعنى الذى ذكره فارس الحرية -تشى جيفارا-أنا لا أوافق على ما تقول و لكنى سأقف حتى الموت مدافعا عن حقك فى أن تقول ما تريد-
اختلف مع (رامى) فى الكثير لكنى أشاركه ما هو أهم من أى اختلاف اننا بشر و هو ما يدفعنى الاّن أن أقولها بكل صدق -الله يرحمه
(عارفة أن حيطلع حد يقولى الرحمة على غير المسلمين لا تجوز )
و بالمرة أعتقد أن فتاوى الذى يجوز و الذى لا يجوز يجب أن تتوجه إلى ما هو أهم من حكم (سلفنى شكرا) و التنمية البشرية و شرب السجائر فى نهار رمضان و مهازل أخرى أنتم أدرى بها إلى مرحلة تحريم و تجريم الفساد و تزوير الانتخابات و الرشوة و التعذيب و النفاق فهذا ما يجب أن نخاف على أمتنا منه حقا
و أرجوك....أيدنى شكرا و دع الخلق للخالق و أدعو إلى كل موتى -البشر-بالرحمة و أحياؤهم بالهداية
سك عالموضوع