Friday, January 24, 2014

أهو دة اللى صار

لما كان الحلم بالتحلم ..
و كان الصبر بالتصبر ..
و كان العلم بالتعلم ..
كان ما جرى ..
كم تتغير النفوس و تتبدل الأحوال من وقت لآخر , كم تحدث أشياء لو لمح أحدهم أنك ستمر بها لاتهمته بالجنون!
ما بينك و بين الله , ما بينك و بين الناس , و ما بينك و بين نفسك .. خطواتك فى رحلات التعرف على كلٍ منهم هى خطواتك على الطريق ..
أمر على دفاترى القديمة ..
أرى بخط يدى مكتوبات تعكس ما أردته بحق و ما مررت به , كنت أكررها دوماً "أريد ألا أريد ..فأرى النور فى قلب الظلمة" .. عشت بها فترة , كانت معيار كل شىء حولى ..و نسيت فى خضم الأحداث اليومية ..
مرت الأيام , خلفت وراءها "كوارث روحية" ..
عرفت الخوف ,عرفت كيف يخسر المرء تفادياً لخسارات قادمة ,و كيف يمحو ملذاته بلذة محوها! و كيف يغير مسار يومه لكى لا تلتقى عيونه بعيون من كان لهم فى القلب نصيب فتسببوا فى جراح و آلام لا حل معها سوى طول النظر للسماء و التمتمة بـ"يا رب داوى " ..
شهور من الوجع الذى لم أعرفه من قبل ..
دموع .. لا تجف ..
آلام .. تصورات جديدة تؤمنك خلف خطوطك الدفاعية ..
مسافات مضاعفة ..
هروب متواصل ..
كان الجهد المبذول لكسر هذه الدائرة المفرغة خرافياً !
"الصدق منجاة " ..
لحظة , تقف فيها أمام ذاتك و تسأل : "كيف وصلنا إلى هذه النقطة ؟ لم يحدث ذلك ؟ ماذا أريد؟ "
أن تضع يدك على القيمة المركزية , إنه الاستعباد فى شكله الجديد !
تمر الأيام , عام تلو الآخر ..
تستيقظ ذات يوم , تنظر حولك ... فلا ترى بشر على كثرتهم ..
تتأمل تدابير الله و تصريفه فيهم و فيك , و فيكم معاً ..
أنت فى منتصف الدائرة , و لكن شىء ما بداخلك يتمتم دوماً "قد هجرت الخلق جميعاً أرتجى , منك وصلاً فهو أقصى منيتى " ..
تبدو الجملة مستنكرة لى فى كل مرة أقرأها .. متطرفة ..
إلا أنها صادقة لأبعد حد, قد لا تسعى إلى الوصول لها حتى تجد نفسك فيها و تجدها بداخلك .."أهو دة اللى صار! "
فيما مضى ..
كنت أحاول أن أنسى الجميع , و أن أنسيهم إياى ..
مؤخراً ..
أدركت أنهم لن يحتلوا مساحة تفوق الهامش دوماً ,هامش الكوكب ,هامش الروح, هامش الأولويات ,هامش الأفعال و ردودها ..كل شىء ..
إذ أنهم متى رأيتهم بـ"مقياس الرسم" الطبيعى ,كأداة من أدوات الكون ..هانوا!

أضف إلى ذلك ..
عودة نوبات الاستكشاف و التساؤل التى يتضاءل معها كل شىء حولى من جديد فوق ضآلة حجمه الأساسى ..
العلامات , التى تنهال علىّ أحياناً و تنقطع فى أحيانِ أخرى ..
الحقيقى منها و المختلط بالهوى ..
التفسيرات التى تؤرقنا ,الأقرب للحدس و الأقرب للمنطق و العلامات المفقودة التفسير كلهم يتزاحمون بداخل رأسك ..
ما بين ما نتمناه و بين الحقيقة ,بين الانذارات و الاستبشارات ,و السؤال الدائم : حنصد ؟!
"أنا لسة يا رب , بحطة إيدك عالمسرح , أنا لسة بحاول أستوعب فى طبيعة الدور , معييش النص ! "
الوقت .. هل سيكون كافياً للوصول لما استنتجنا أنا له ؟ أم هل سنفاجأ بأن مهمتنا ذات طابع مختلف؟ هل لنا مهمة من الأساس ؟ ما القيمة المركزية و من محورها و كيف سيتعايش الآخرون مع ذلك ؟! ما حجم التضحيات ؟! و من المكلف بدفعها ؟! و فى سبيل ماذا نبذل ؟! كيف السبيل ؟!
التفاصيل فى الصورة تتلاشى تقريباً مع ابتعادى عنها ..
الـ Zoom out الذى لا يفلح معه أى محاولات للتقريب ..
لم يعد الخلاف مع البشر -على صعوبة أن يظلوا "بنى آدمين" فى هذا التوقيت الحرج -
المشكلة الآن مع "الزمان " ..
بسيفه البطىء الذى يمر قاطعاً الكثير من الأشياء فلا تعود كما كانت أبداً !
أردد كثيراً "و ينسانى الزمان , على سطح الجيران" أو فى أى مكان أجد فيه لحظة صادقة حقيقية , واضحة ,متبلورة ..
يا إلهى ..
(متر فى متر )
فى أى مكان .. محراب صادق ..رقعة بسيطة من أرضك الواسعة تحكمها معايير الفطرة , لا تخضع للأفورة و لا للسيطرة و لا للتزييف ..
أترك الزمن يمر لأتحرر من قيده الذى أدمى معصمى ..
"مفيش وقت" أصرخ فى الكثير على مرار الأيام! أكررها ..
و أتابع "كونوا على مستوى الحدث " .. الحدث هنا يشمل المأساة بامتدادها و اتساعها .. وجودنا على هذه الأرض فى هذا الزمان !
قصر الرحلة , و شعورى بأنها ستكون أقصر من شعورى بقصرها كثيراً .. يدفعنى لإعادة ضبط الوجهة !
لا نملك الكثير من الرفاهيات .. أهمها الاستسلام و البحث عن "الراحة"!
لا نملك الوقت ! لا نملك الاختيار ! لا نملك حلول!لا نمتلك أحد و لن يمتلكنا أحد! لا نملك شىء !
"لا أشياء أملكها لتملكنى "
اليوم أدرك كم من الله علىّ بمساحة حرية و توكل و تسليم جديدة لم أكد لأبلغها لولا كل ذلك !
الآن أدرك هون كل الخسارات أمام المكسب , أمام شغف المعرفة ..
الآن أدرك هون كل الأوجاع أمام وجع الحياة , و أمام وجع التمسك بالحياة تحت أسوأ ظروف عدم الحياة !!
كم تبدو الآن آلام الماضى سخافات ..
للحظات قليلة من التصالح كهذه نمضى قدماً ..
كم يدفع المرء ليبتسم حين يعيد النظر إلى ما مر به فى رحلة بلوغ التصالح و النضج ؟
"كل الحاجات فى أولها حلو إلا النضج " ..
لله الأمر من قبل و من بعد ..

و فى سياق متصل أو منفصل ..
أسجل التالى ..
للزهد حلاوة , و إن سبقتها مرارة الفقد ..
و إن اتعبنا تعلم الاستغناء ..
و إن عانينا من آلام تمزيق الروابط ..
فبقدر كل قيد نتحرر منه ,خطوة إلى تمام العبودية ..
خطوة للتجرد و التوحيد ..
اكتف بزاد طريقك و اترك لله مهمة اختيار ما يصاحبك من كمالياتك ,و لا زاد لنا سوى "التقوى" ..البر و التقوى و من العمل ما يرضى الله ..
و البر لا ينال بغير الانفاق مما نحب ..
و كل ما نبذل فى سبيل المحبوب يهون ..
"و باذل حبه فى حب من يهواه ليس بمسرف "
الخط الفاصل بين الزهد و اليأس جد بعيد ..
الارتقاء دائم , قد يتحول يأسك زهداً يوم ما!
و تيقن أنك لا تصل بغير السير ..
و لذلك و لأكثر من ذلك , "أحبب حبيبك هوناً ما "
لا يملك عابر سبيل أكثر من ذلك ..
السكينة و التوازن لا مدخل لهم من باب أوهام السيطرة و التحكم !
إنها الممارسة .. التصبر / التحلم /التعلم /الاستغناء ..
بهم تأتى سكينة حقيقية و سلام داخلى ..
و لذلك أداعب الأصدقاء و الأحباء دوماً و أنا أغنى : "و إن كان أمل العشاق القرب ,أنا أملى فى حبك هو الزهد" ..

إنما الغنى ..بالاستغناء ..

Monday, January 20, 2014

الليل

الليل ..
ساعات تمر ببطء ..
انتظرها ..
"دعونى أناجى حبيبى"
فاصل يومى من التصريح بمكنونات الصدر لله وحده ..
وحده لا يسبق قلبى له إلتزامى بالتماسك و القوة ..
وحده أخبره بكل شىء ..
وحده مصدر كل شىء ..
المانح و المانع ..
و فى كل الحالات , المربى ..
لا يخذل ..
لا يترك ..
لا يبلى و يفنى ..
له الملك و هو على كل شىء قدير ..
"ألا كُلُّ شيءٍ ما خَلا اللّهُ باطِلُ  "
ألا كل أنس بغيره .. غربة و وحشة ..
 
عهود أبرمها , أتذكر أخرى ..
أشياء تؤرقنى و أندم عليها ..
خبرات و تجارب ربانية أذكرها معه ..
غدِ ,ليس لى منه شىء ..
ماضٍ, أحتار فى أمره ..
و حاضر ما زال قادر على إدهاشى!
جميعهم فى يده ..
عمر يعبر ليصطدم بالأجل و لا أعرف إن ينجو الأمل أم لا!
 
لحظات يومية ..
تأتى بالسكينة ...
و النفحات الإيمانية ..
(الإيمان ) ..
أكرر التعريف : أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر ,و القدر خيره و شره ..
مع هذا كله ,هو شىء يستقر فى قلبك ..هو تسليم دون تحايل على القدر ! هو إعادة توجيه للروح ..هو خير سابق للشر .. وعزم يفتح السبل ..و صبر يجلب الفرج ..ثبات يأتى رغم البلاء ..هو أكثر من كل ذلك , هو ذلك الشىء الذى لا تجد له وصف آخر غير أنه "إيمان " ..
أن تحب لله ..
تكره لله ..
فتستكمل الإيمان ..
 
"السعداء حقاً هم السعداء ليلاً ..
و التعساء حقاً هم التعساء ليلاً .. "
و الباحثون فى الليل يلتقطون إشارات الوصول ..
و الصدق يأتى ليلاً فى صورة ذكرى و حنين ..
 
فمالى و مال الدنيا ..
فى الليل , آوى إلى ركن شديد ..
 

Monday, January 6, 2014

معافرة

لأجل النور الذى يولد فى الصدور من قلب الظلمة ..
لأجل حدود ضاقت بساكنيها و قلوب اتسعت لتحتوى الانسانية ..
لأجل الارتقاء بعد كل ابتلاء ..
لأجل المنح الربانية بعد المحن ..
لأجل كل نصر , قريب ..
لأجل الفتح المبين ..
لأجل أجر الجهاد..
لأجل مسيرة ممتدة بامتداد البشرية من التضحيات ..
لأجل شغف المعرفة,أن تعرف مقصدك, و تستميت فى الوصول إليه, أن يختبر الله صدقك ,فتعرف إن كان فى استطاعتك اجتياز الاختبار ..
لأجل إدراك حدود الوسع و لأجل توسيعه بكل "معافرة" ..
لأجل توحيد نقصده بلا أن يشاركنا فى الله شىء -حتى الخوف- ..
لأجل زهد ننشده و نفوس نسعى لأن نعرف أنا لا نملك فيها شيئاً ..
لأجل سويعات فى الدنيا نقضيها فى مكابدة ,و تمر ..
لأجل موت فى سبيل الله نطلبه بحياة فى سبيل الله ..
لأجل حياة فى سبيل الله لن تخلص له بغير تحطيم كل الأصنام - و لكل صنمه - ..
"لأن السلاسل تعلمنى أن أقاتل" 
لأجل أرواح أودعها الله أجسادنا نأبى لها الانكسار ,و لأجل نفوس مسها الحلم و انعكس فى بريق العيون فلا طاقة لها بالموت البطىء..
لأجل صاحب كل روح أبية ..
لأن من يستسلم .. يموت ..
لأن العجز البشرى إذا ما اتصل بالقدرة الإلهية كان عين القوة ..
نصبر ..
نصمد ..
نقاوم ..
نعافر ..

"لكن عليك مُهمه مُقدّسه : أن تُحافظ على البقيّه ."